الهجرة والتعددية الثقافية- فوائد للمجتمع أم تهديد للهوية؟
المؤلف: مي خالد11.14.2025

تزدهر المدن ذات الخلفيات الثقافية الغنية في البلدان المعروفة بتنوعها العرقي، حيث تحتفي بالتعددية الثقافية ككنز ثمين. تشجع المؤسسات والهيئات المختلفة، بالإضافة إلى الثقافة السائدة، هذه الفكرة الجوهرية التي تؤكد أن التعددية الثقافية تضفي فوائد جمة على المجتمع، مثل إثراء المشهد الاجتماعي بتنوع ثقافي فريد. ومع ذلك، يرى القوميون والسياسيون المتطرفون، أو أولئك الذين يعارضون الهجرة بشكل عام، وخاصة تدفق اللاجئين من فئات معينة، أن هذا التنوع يقوض الهوية الوطنية ويجلب معه مخاطر جمة تفوق أي فوائد ممكنة.
بغية تحليل هذه القضية بعمق، وعلى الرغم من ميولي نحو دعم الهجرة المنظمة وتقنينها، مع تسهيل تجنيس المهاجرين الموهوبين، دعونا نتصور سيناريو افتراضياً حيث تفرض الولايات المتحدة قيودًا صارمة على الهجرة، بحيث تقتصر فقط على الناطقين الأصليين باللغة الإنجليزية، خوفًا من أن تتلوث قيمهم الوطنية النبيلة بأفكار دخيلة. من الناحية العملية، كان هذا القرار سيمنع عباقرة مثل (إنريكو فيرمي)، العقل المدبر الذي صمم أول مفاعل نووي في العالم، من الهجرة إلى الولايات المتحدة. كما كان سيحرم البلاد من (هانز بينثي)، الذي لعب دورًا محوريًا في مشروع مانهاتن وحصل لاحقًا على جائزة نوبل المرموقة، و(فيرنر فون براون)، الذي أصبح فيما بعد المهندس المعماري لبرنامج صاروخ القمر الطموح. بالإضافة إلى ذلك، كان سيُغلق الباب في وجه (فيليكس بلوخ)، الحائز على جائزة نوبل عن عمله الرائد في مجال الرنين المغناطيسي النووي، وهو المبدأ الأساسي الذي تقوم عليه تقنية التصوير بالرنين المغناطيسي الثورية. بل إن المثال الأبرز على الفوائد التي تجنيها الدول من فتح أبوابها للهجرة هو سويسرا، تلك الدولة التي تعتبر من بين الدول الأكثر ازدهارًا على وجه الأرض. فما الذي جعلها دولة عظيمة حقًا؟
إن الهوغونوتيون، وهم البروتستانت الفرنسيون الذين فروا من قسوة الاضطهاد الديني، جلبوا معهم صناعة الساعات الراقية التي تشتهر بها سويسرا اليوم.
أما رياضة التزلج على الجليد، التي تعتبر مصدرًا ترفيهيًا شهيرًا يدر أموالاً طائلة، فقد جاءت إلى سويسرا مع المهاجرين من إنجلترا.
ساهم العديد من المصرفيين الأجانب بدور فعال في تطوير النظام المصرفي السويسري المتين، الذي كان «متعدد الثقافات» إلى درجة سمحت لهتلر وستالين بإيداع أموالهم في سويسرا في نفس الوقت، مع الحفاظ على سرية البنوك بشكل صارم.
بينما قام العمال الإيطاليون ببناء معظم أنفاق السكك الحديدية المتطورة، والتي لا تزال بحالة جيدة وتستخدم حتى يومنا هذا. كما ساهم العمال المهرة من ألمانيا بشكل كبير في تطوير صناعة النسيج المزدهرة في سويسرا.
إن غالبية الأساتذة في المؤسسات العلمية المرموقة، مثل المعهد الفيدرالي السويسري للتكنولوجيا في زيورخ، هم من جنسيات أجنبية، والعديد منهم لا يتحدثون أي لغة رسمية للبلاد، بل يعتمدون على اللغة الإنجليزية كلغة للتدريس. وحتى الآن، حصل 22 منهم على جائزة نوبل الرفيعة.
لذا، أجد نفسي في حيرة من أمري عندما أشاهد المظاهرات المناهضة للاجئين في بريطانيا أو تركيا أو غيرها من الدول! فهل يدرك هؤلاء المتظاهرون حجم الخسارة التي قد تتكبدها بلادهم جراء هذه المواقف؟
بغية تحليل هذه القضية بعمق، وعلى الرغم من ميولي نحو دعم الهجرة المنظمة وتقنينها، مع تسهيل تجنيس المهاجرين الموهوبين، دعونا نتصور سيناريو افتراضياً حيث تفرض الولايات المتحدة قيودًا صارمة على الهجرة، بحيث تقتصر فقط على الناطقين الأصليين باللغة الإنجليزية، خوفًا من أن تتلوث قيمهم الوطنية النبيلة بأفكار دخيلة. من الناحية العملية، كان هذا القرار سيمنع عباقرة مثل (إنريكو فيرمي)، العقل المدبر الذي صمم أول مفاعل نووي في العالم، من الهجرة إلى الولايات المتحدة. كما كان سيحرم البلاد من (هانز بينثي)، الذي لعب دورًا محوريًا في مشروع مانهاتن وحصل لاحقًا على جائزة نوبل المرموقة، و(فيرنر فون براون)، الذي أصبح فيما بعد المهندس المعماري لبرنامج صاروخ القمر الطموح. بالإضافة إلى ذلك، كان سيُغلق الباب في وجه (فيليكس بلوخ)، الحائز على جائزة نوبل عن عمله الرائد في مجال الرنين المغناطيسي النووي، وهو المبدأ الأساسي الذي تقوم عليه تقنية التصوير بالرنين المغناطيسي الثورية. بل إن المثال الأبرز على الفوائد التي تجنيها الدول من فتح أبوابها للهجرة هو سويسرا، تلك الدولة التي تعتبر من بين الدول الأكثر ازدهارًا على وجه الأرض. فما الذي جعلها دولة عظيمة حقًا؟
إن الهوغونوتيون، وهم البروتستانت الفرنسيون الذين فروا من قسوة الاضطهاد الديني، جلبوا معهم صناعة الساعات الراقية التي تشتهر بها سويسرا اليوم.
أما رياضة التزلج على الجليد، التي تعتبر مصدرًا ترفيهيًا شهيرًا يدر أموالاً طائلة، فقد جاءت إلى سويسرا مع المهاجرين من إنجلترا.
ساهم العديد من المصرفيين الأجانب بدور فعال في تطوير النظام المصرفي السويسري المتين، الذي كان «متعدد الثقافات» إلى درجة سمحت لهتلر وستالين بإيداع أموالهم في سويسرا في نفس الوقت، مع الحفاظ على سرية البنوك بشكل صارم.
بينما قام العمال الإيطاليون ببناء معظم أنفاق السكك الحديدية المتطورة، والتي لا تزال بحالة جيدة وتستخدم حتى يومنا هذا. كما ساهم العمال المهرة من ألمانيا بشكل كبير في تطوير صناعة النسيج المزدهرة في سويسرا.
إن غالبية الأساتذة في المؤسسات العلمية المرموقة، مثل المعهد الفيدرالي السويسري للتكنولوجيا في زيورخ، هم من جنسيات أجنبية، والعديد منهم لا يتحدثون أي لغة رسمية للبلاد، بل يعتمدون على اللغة الإنجليزية كلغة للتدريس. وحتى الآن، حصل 22 منهم على جائزة نوبل الرفيعة.
لذا، أجد نفسي في حيرة من أمري عندما أشاهد المظاهرات المناهضة للاجئين في بريطانيا أو تركيا أو غيرها من الدول! فهل يدرك هؤلاء المتظاهرون حجم الخسارة التي قد تتكبدها بلادهم جراء هذه المواقف؟
